lundi 16 février 2015

الأنظمة


يقصد بالنظام التمثيلي  أو الديمقراطية التمثيلية  ذلك النظام الذي يمارس فيه الشعب السلطة بواسطة ممثلين أو نواب عنه . أي أن مجموع المواطنون يشكلون الجسم الإنتخابي و يقومون بإنتخاب ممثلين أو نواب عنهم  يباشرون السلطة مكانهم و بإسهم .وقد  تعدد ت طبيعة النظم السياسية التي تعتمد على النظام التمثيلي كأساس لنظام الحكم و ذلك حسب إختلاف طبيعة العلاقة بين السلطات العامة في الدولة .

       و عليه فقد تم التطرق في الفصل الأول من هذا البحث لدراسة مبدأ الفصل بين السلطات كمدخل أساسي لفهم الأنظمة التمثيلية و حيث تم تناول التطور التاريخي لمبدأ الفصل بين السلطات كمبحث أول ثم تم تناول مبررات تبني مبدأ الفصل بين السلطات في المبحث الثاني أما المبحث الثالث فقد تم تخصيصه لتحديد مضمون الفصل بين السلطات  ، أما الفصل الثاني فقد خصص لدراسة أشكال الأنظمة التمثيلية ، و تم تقسيمه إلى أربع مباحث وقد خصص المبحث الأول لدراسة النظام البرلماني و المبحث الثاني خصص لدراسة النظام الرئاسي أما البحث الثالث فقد خصص لدراسة النظام شبه الرئاسي و المبحث الثالث درس فيه النظام المجلسي .
        و إنطلاقا من هذا الطرح فقد تم طرح التساؤل التالي :
على أي أساس تم التمييز بين الأنظمة التمثيلية ؟



الفصل الأول : مبدأ الفصل بين السلطات
            إن ظهور المبادئ الديمقراطية الليبرالية  الداعية إلى الحد من السلطة الفردية للملوك و ذلك لتأمين حقوق وحريات الأفراد مما دفع  بعض المفكرين  إلى صياغة النظريات الفكرية الداعية إلى ضرورة تقسيم السلطات الأخرى ، و بذلك يمكن ضمان عدم تعسف السلطة على حساب حريات وحقوق الأفراد . وعليه فقد تم التطرق في هذا الفصل إلى الأسس الفكرية التي قامت عليها هذه النظريات و التي يمكن إجمالها في مبدأ الفصل بين السلطات .
المبحث الأول : التطور التاريخي لمبدأ الفصل بين السلطات
في العصور القديمة كانت وظائف الدولة محدودة و أهدافها متفارقة ، ولذلك كان من المتصور أن تنحصر كل الوظائف في يد واحد ة . و نتيجة لذلك إتخذت السلطة بشخص القائم عليها و أصبحت ملكا لمن يمارسها ، بحيث يتعذر التمييز بين الملك و المملكة مما أدى إلى الحكم المطلق أو الملكية المطلقة . و بكلمة عصرية يمكن القول أن نظام  الحكم أصبح ديكتاتوريا ، قائما على أساس تشخيص السلطة و لذلك حاول بعض الفلاسفة القدماء التفكير من أجل إيجاد حل لهذه الظاهرة التي تؤدي إلى الإستبداد دون أدنى شك .
فأفلاطون  رأى ضرورة توزيع وظائف الدولة على هيئات متعددة مع إقامة التوازن بينها حتى لا تستبد هيئة بالحكم في الدولة .
في كتابه ( القوانين ) حيث يقوم بينها نوع من التوازن فيمتنع على أي هيئة الإنحراف إلى الإستبداد و قد بين هذه الهيئات على النحو التالي :
1-   مجلس السيادة: مؤلف من 10 أعضاء و يمثل المجلس الأعلى في إدارة شؤون الدولة.
2-   مجلس يضم كبار الحكماء و المشرعين هدفه حماية الدستور و الإشراف على سلامة تطبيقه .
3-    مجلس منتخب من الشعب مهمته التشريع .
4-   هيئة قضائية .
5-   هيئة شرطة مهمتها الحفاظ على الأمن الداخلي و هيئة جيش للحفاظ على الأمن الخارجي للدولة .
6-   هيئة تعليمية . 
و يرى بعض الفقهاء أن أرسطو هو أول من نادى بمبدأ الفصل بين السلطات 
حيث كان يؤمن كأستاذه بتقسيم الوظائف في الدولة و لكنه قسم وظائف الدولة في كتابه (السياسة) إلى ثلاث وظائف وهي: المداولة و الأمر و القضاء و كتب عدة فلاسفة  أخرون عن ضرورة تقسيم وظائف الدولة ،لكنهم لم يقوموا بالفصل بين السلطات بالمفهوم الحديث اهذا المبدأ .
وفي الحقيقة إن نشأة مبدأ الفصل بين السلطات بمفهومه الحديث تعود إلى تطور النظام البرلماني في إنجلترا ، وخاصة بعد ثورة 1640 التي كان من نتائجها قيام جمهورية "كروميل " و إعلان دستورها المستند على مبدأ أساسي هو الفصل بين السلطات . و لكن بموت " كروميل " عادت الملكية إلى إنجلترا مما أدى إلى قيام ثورة جديدة عام 1988 ، و نتيجة لها أبعد " إدوارد  الثاني " عن السلطة و حل محله زوج إبنته الذي أجبر قبل إعتلاء العرش على التوقيع على إعلان الحقوق . و بموجب هذا الإعلان دعمت سلطات البرلمان و قلل من إمتيازات التاج بشكل كبير . و جاء "جون لوك " الصديق الجديد للسلطة الجديدة لينظر في هذه السلطة الجديدة و يبرر مشروعيتها . 
 و في الحقيقة لا يمكن ذكر مبدأ الفصل بين السلطات إلا و يتم معه ذكرإسم الفقيه الفرنسي "مونتسكيو" الذي كان أول من صاغ هذا المبدأ صياغة متكاملة في كتابه " روح القوانين " و كان الهدف من وراء مناداة "مونتسكيو" بهذا المبدأ هو إيجاد وسيلة للحد من إستبداد الملوك أو إضعاف سلطانهم . وتتمحور فكرته عن الفصل بين السلطات من زاوية ضمان الحرية السياسية و بصورة أدق عن الأمان للفرد و قد تساءل "مونتسكيو" عن شكل النظام الذي يؤمن الحرية بصورة أفضل ؟ و أجاب حسب إعتقاده بأن النظام الذي تكون سلطاته منفصلة و تستطيع كل سلطة في حالات الإستثنائية .- توقيف الواحدة للأخرى – و السلطات لديه هي ثلاث رأنواع : السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية حيث تستمد الأولى في تسيير شؤونها من القانون العام و السلطة التنفيذية  تتناول القضايا المتعلقة بالقانون الخاص.
فالسلطة الأولى "التشريعية" التي تعمل بصورة مؤقتة أو دائمة تصلح أو تلغي ما كان قائما أو معمولا به و الثانية تعمل على تحقيق السلم أو الحرب و تنظيم الشؤون الخارجية للدولة . أما السلطة الثالثة فهي تعاقب أو تحكم في المخالفات و الجرائم و المنازعات الحاصلة بين الأفراد . 
و الجدير بالذكر أن "مونتسكيو" لم يقل بالفصل التام و المطلق بين السلطات بل أقر بأن السلطات على الرغم من فصلها ستجد نفسها بالضرورة و بمنطق الأشياء مضطرة للتعاون مع بعضها البعض و في هذا إعتراف صريح منه بان الفصل التام بين السلطات مستحيل 
في المقابل يرى "لوك" أنه حتى تتجنب إساءة إستعمال السلطة فيجب أن تكون كلا السلطتين منفصلتين بعضهما عن بعض و سمو السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية حيث تعبر السلطة التشريعية على المصلحة العامة . و عليه فالأفكار المستخلصة من "لوك" يمكن أن ندرجها في مايلي :
1-   أن القواعد تطبق على جميع الأفراد في سبيل المصلحة العامة.
2-   حق الشعب في سحب الثقة من الحكام عند إساءة إستعمال السلطة لأن السلطة مفوضة وغير متنازل عنها .
و السلطات عند "لوك" ثلاث : السلطة التشريعية ووظيفتها سن القوانين ، و السلطة التنفيذية ووظيفتها تنفيذ القوانين ، والسلطة الإتحادية ووظيفتها إعلان الحرب و السلم و مباشرة العلاقات الخرجية للدولة .
أمـــ"جون جاك روسو" فقد ركز على مفهوم السيادة  الذي دعى إلى ضرورة تجزئتها و إذابتها و هذا إنطلاقا من فكرته عن العقد الإجتماعي ، وقد صنف "روسو" الحكومات إلى :
الملكية :  و قد هاجمها .
الأرستقراطية : والتي يمكن أن تكون وراثية أو منتخبة.
الديمقراطية : الترابط بين السلطتين التشريعية و التنفيذية و هو يقر بأن الحكم الديمقراطي غير ممكن التطبيق لتواجد السلطتين في هيئة واحدة تعمل و تنفذ القانون.
المبحث الثاني : مبررات تبني مبدأ الفصل بين السلطات
          لقد تعددت أسباب تبني مبدأ الفصل بين اتلسلطات و نذكر منها:
1-   صيانة الحرية و منع الإستبداد :
يؤدي تركيز السلطة في يد هيئة واحدة إلى إساءة  إستعمال السلطة و الإستبداد بها ، الأمر الذي قد يؤدي إلى المساس أو النيل من حقوق الأفراد و الإعتداء على حرياتهم و في ذلك يقول "مونتسكيو"  " لقد أثبتت التجارب أن كل إنسان يتمتع بسلطة يسئ  إستعمالها ، إذ يتمادى في هذا الإستعمال حتى يجد حدودا توقفه " و يستطرد "مونتسكيو " ليقول " من يصدق أن الفضيلة نفسها تحتاج إلى حدود " و يقول أحد كبار السياسة و المفكرين الإنجليز و هو اللورد "أكتون " " إن السلطة مفسدة ، و السلطة المطلقة مفسدة مطلقة " و هو ذات ما ردده عالم الإجتماع الفرنسي الكبير " جوستاف لوبون"" السلطة لها نشوة تعبت بالرؤوس " .
و للحيلولة  دون فساد السلطة او عدم إساءة إستعمالها يجب أن يكون النظام الدستوري للدولة قائما على أساس أن السلطة توقف السلطة . و نشير أن الفضيلة التي يقصدها "مونتسكيو" هي الفضيلة السياسية أي حب الوطن و المساواة و الديمقراطية .....إلخ .
و بالنسبة للحرية فإنها تنتفي إذا لم تكن سلطة القضاء منفصلة عن التشريع ، لأن حرية أبناء الوطن وحياتهم تصبحان تحت رحمة السلطة التشريعية ، مادام القاضي هو المشرع .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire